لقد كان ابتداع الانسان للغة نقطة تحول فى تاريخه الطويل الحافل بالتغيرات والتطورات. وكانت البداية تعنى باستعمال اللغة فى إطار نفعى مباشر. ومع تقدم الانسان وتطور وعيه وحياته، أصبح من الممكن استخدام اللغة جمالياً، فظهر الإبداع الأدبى والشعرى على وجه الخصوص.ولقد كان الشعر بمثابة لغة الكهنة الأُول، وكذلك الفلاسفة والمشرعين الأُول. وكان الشعر يرتبط بعالم أسطورى غيبى، ويوقع على أنغام الآلات الموسيقية. "ففى اليونان كان يوقع على أنغام العود، كما ارتبطت المسرحيات عندهم بأناشيد الجوقة".(1) لم يكن الشعر فى ذلك الحين مجرد كلام، بل كان ينقل ما يعجز عنه الكلام. كان الشعر شفوياً، ومرتبطاً بالتنغيم والإنشاد، وكان دور الشاعر يختلط مع دور المغنى والمنشد. فكان الشاعر شاعراً وعازفاً فى نفس الوقت أو يرتبط شعره بالعزف بشكل أو بآخر. يقول "أودونيس" : "ولد الشعر الجاهلى نشيدا، أعنى أنه نشأ مسموعاً لامقروءاً غناءً لاكتابة. كان الصوت فى هذا الشعر بمثابة النِّسم الحىّ، وكان موسيقى جسدية. كان الكلام وشيئاً آخر يتجاوز الكلام. فهو ينقل الكلام وما يعجز عنه نقله الكلام، وبخاصة المكتوب وفى هذا م...
Commentaires
Enregistrer un commentaire